‏إظهار الرسائل ذات التسميات حب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حب. إظهار كافة الرسائل

سقط السلام وحل الظلام


كنت في سلام قبل أن أتعرف عليك قبل أن تعترضي طريقي، كنت أحكم بلدي مثل السلطان قبل أن تأسري قلبي واصبح كالعبد المملوك... كنت أجلس تحت ضوء الشمس... أستمتع بشعاعها يلاعب وجهي، يتخلل عيناي... لكن اليوم أجلس أنتظر قدومك من السماء، مثلما فعلت أول يوم. أحدثها، اشكوها همي وقلبي الحزين... كنت في سلام أنام اليل في هناء، لا شيء يشغل بالي، اليوم... اليوم وقد أصبحت أسِيرَكِ لا يغمض لي جفن، فكل تفكيري بك انت. عيناك... أنسى العالم ولا أنساهما، لا يحزنني غياب شيء... لكن يقتلني غيابك انت، يعذبني بعدك عني. كنت ملِكا لا ينقصه شيء من حوله، لكن اﻵن... لا شيء يتمم ما حولي غير وجودك أنت، لا شيء جميل أمامي غير عينيك أنت، كنت استمتع بصوت الطبيعة وصوت العندليب... لكن اليوم أصبحت اسمع صوت القنابل والدمار عندما يغيب صوتك أنت.
كنت في سلام قبل أن أتعرف عليك أنت، ما كان لي أعداء... لكن اليوم أصبحت بلا أصدقاء، فكل اهتمامي بك أنت وكل تفكيري بك أنت وكل نظري لك أنت. أعيش الحرب كل يوم وليلة. أعيش الحرب من أجل حريتي... لكن لا اعتقد أني سأنالها... حتى يُحمل نعشي. ما أضن السلام يحل يوما بعد أن نزلتِ أرض بلادي، رغم كل التحذيرات التي تلقيتها... رغم كل البرقيات التي وصلت من أقرب الناس... لكن نظرة في عينيك كانت كافية لألقي كل ذلك وراء ظهري. كنت الأقوى بدون جيش ولا سلاح، وأصبحت الأضعف وكل العالم في صفي. طالما اعتقدت أني سأعيش في سلام دائم رغم كثير التهديدات... لكن سقط كل عرشي قبل أن يرتد إلي طرفي دون إنذار أو تهديد منك أنت.

سقط السلام وحل الظلام، طار الهدوء وحطت الفوضى في بلاد النظام، عهدت شعبي يعمل في سكون دون هدر ولا ثرثرة، لكن انقلبت الموازين اليوم... فلا شيء يشغل مجالسهم غير ملِكهم الحزين، ملِكهم الذي فقد كل عرشه حين قدومك أنت، كان كل من في المملكة يطرق بابه، لكن اليوم هو من يطرق كل باب بحثا عنك أنت، هبت عواصف في قلبه، فحلت اللعنات أرجاء المدينة، لا أحد يستطيع النوم وصوت الملك يدوّي باسمك أنت، لقد احتلت الأشباح مدينتنا، لم أتخيل يوما أني سأعيش لحظة كهذه، لحظة ضعف وانكسار، لحظة حرب وقتال. ولو قدر لي أن أخسر هذه الحرب، فشرفي أنها كانت من أجلك أنت.
نورالدين الواهج
16 جويلية 2014

ارجوك التفتي...

حينما أجلس وحيدا أتذكرك أنت، أتذكر ذلك اليوم الذي سحرتني فيه، ﻻ أعلم ماذا جرى لي، وﻻ ما حدث لجوارحي، كنت أمشي وحيدا كعادتي، شارد الذهن في أول أيام من الامتحان في الجامعة، أفكر فيه وكيف سأجتازه، فإذا بملاك جالس أمامي، جالس وحيدا مثلي، شعرت أنه نزل من السماء خصيصا من أجلي، لكنه لم يعر لي انتباها، لعل هذا جزء من الامتحان، كان جالسا والشمس ترسل شعاعها لينعكس على وجهه، وليضيف نورا على نوره أعماني عن رؤية العالم من حولي، لأراك أنت، فلم أشعر بجسدي يتحرك نحوك، ولم أشعر بلساني ليلقي بالتحية فتقابل برد أسرني، جرني لأجلس بجنبك دون حتى استئذان، رأيت جمالا ينبع من عينيك ﻻ وجود له في الكون بأسره، تتحدثين هنا بجانبي، تحت أشعة الشمس المشرقة، في هذه اللحظة الرائعة، أيقنت أنك الأروع، جسمي هنا لكني كنت أحلق هناك بين النجوم، فعينيك كانتا الكون الفسيح في نظري، يناديني لأسبح فيه لأغرق فيه، كيف؟ كيف لم ألاحظ هذا الملك السماوي منذ أول يوم لي هنا، لابد أنه قدم من مكان ما من مكان بعيد من غير العالم الذي أعيش فيه. فمجرد الجلوس بجنبك للحظة أنساني هَمَّ الامتحان والجامعة واﻷساتذة، أنساني كل شيء، لأتذكرك أنت وحدك طول حياتي، مجرد سماع كلمات تنبع من شفتيك الطاهرتين، جعلني أتأكد أني كنت أصما لم أسمع قط صوت حقيقة، صوتك أنت، مجرد نظرة في عينيك جعلت ما سواهما ﻻ يستحق أن أنظر إليه.
أنت لؤلؤة أضاءت في طريقي، حاولت أن ألتقطها، لكنها أفلتت مني، حاولت مرارا وتكرارا لكن دون جدوى، يا لحظي التعيس، حاولت وحاولت، إلى أن فقدت اﻷمل، فقدت الحياة، أصبحت كالمحيط بلا ماء، كالسفينة بلا شراع ولا قبطان، صرت جسدا بلا روح ولا حياة ولا أمل، صرت كتلة من لحم وعظم تسير في هذه الدنيا بلا غاية ولا هدف، فقد كنت أنت نوري في الحياة، أنت هدفي الذي أحيا له، أنت أملي الذي أقاتل وأموت من أجله، لكن اليوم ها قد ذهبت وتركتني جنديا من غير سلاح بين صفوف العدو.
يضيئ الفجر ثم ينسحب، مثل أمواج البحر، لا أستطيع توقع متى تعلو ولا متى تدنو، أعيش في ترقب ورجاء، أنتظر يوما تعودين فيه من أجلي، لتضيئي أمامي الطريق، إني ضائع ﻻ أعلم أين أنا ولا في أي طريق أسير، أنت قائدي وشراعي في بحر الحياة، أنت أملي ورجائي، أنت سبب وجودي، أرجوك عودي، التفتي إلى ذاك المكان، لا زلت هناك، في نفس المكان أين أسرتني، إني جالس انتظر قدومك لتخلصيني، كل يوم أنتظر ابتسامتك التي تشفي جميع عللي، أنتظر منك أن تعيد الحياة لي، أنتظر لمسة منك تنسيني من أنا اﻵن، وتعيدني ذلك الشخص الذي كان جالسا بجنبك يومها، في ذلك الكرسي، تحت أشعة الشمس المشرقة تلك، في ذلك البرد الذي كنت ترتجفين بسببه، وكذلك كنت، فقط أرجوك التفتي.
نورالدين الواهج