إنّ مع العسر يسرًا

لا شيء يمنعنا من تحقيق أحلامنا وآمالنا، لا شيء يوقفنا عن تحقيق ما نريد ونصبو إليه، فإرادتنا وحدها تحدد ما إن كنا سنصل إلى تحقيق أهدافنا أو لا، قوة إيماننا بأفكارنا تجعلها تنزل لتكون حقيقة على أرض الواقع.
فمهما اشتدت بنا المواقف ومهما صعبت أمامنا دروب الحياة لابد من مخرج، فـ إن مع العسر يسرا، وإن السماء لتراها تارة صافية وتارة يعكرها الغيوم لتتساقط اﻷمطار، فإن تعكّر يومك فاعلم أن المطر آت لا محالة. كما أنّ الدنيا ليست لنا، ترمينا بالأوجاع والهموم واﻷسقام، تُثقلنا بفقدان الأهل والأحبة، قد يكون فراقا فيزيائيا بمفارقتهم الحياة -رحم الله جميع موتى المسلمين-، أو فقدانا معنويا بابتعادهم عنا، أو عدم موافقتهم لنا، فسيدنا نوح عليه السلام رفض ابنه الركوب معه، ولوط عليه السلام رفضت زوجته دعوته، فربما يعاديك أقرب الناس إليك ربما يتخلى عنك في أشد اللحظات صعوبة من كنت تؤمن أنه لن يتركك، لكن يقول الله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)﴾ صدق الله العظيم
عندما أتى الملائكة ليبشروا سيدنا إبراهيم عليه السلام بغلام حين كانت زوجته في عمر اليأس والعجز عن الحمل والولادة إلا إن الله تعالى قال لها ولنا إنه هو الحكيم العليم ... فقد جاءت البشارة في الغلام الذي يمثل الجيل الجديد بعد سيدنا إبراهيم عليه السلام، الأمل الجديد لهذا العالم. ومع هذا الحدث العظيم أرسلوا إلى مهمة أخرى عظيمة وهي في قول الله تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ (33) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) ﴾ وهم قوم لوط عليه السلام أرسلهم لتطبيق وعيد الله على الظالمين، فلو ربطنا الآية الأولى مع الثانية لوجدنا علاقة عجيبة ففي الأولى بعد اليأس وطول انتظار جاء فرج من الله على سيدنا إبراهيم وزوجه بولد صالح يعوض حرمانهما من الذرية طوال تلك السنين، يعوض صبرهما. أمّا في الثانية فبعد صبر سيدنا لوط عليه السلام مع قومه في دعوتهم، وغلوّهم عليه، وبعد أن هدد بالطرد من مدينته عليه السلام إلا أن الله فرج عليه هو وقومه الذين آمنوا معه، وهذا أيضا يعتبر ميلاد جيل جديد متق مؤمن. هكذا يؤكد الله سبحانه أنه لا يدوم الظلم واليأس والقهر والمعاناة أبدا، لكن مع اتخاذ الأسباب المؤدية إلى زوالهم، لذا لنتفائل خيرا للمستقبل القريب ولنبقى قريبين من الله سبحانه، فالله تعالى قال في آية واضحة﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْر صدق الله العظيم.
فمع اﻹيمان، واﻹرادة لتحقيق التمكين والخلافة، يأتي دافع قوي للعمل والنظر للأمام، يمنعك من الالتفات إلى جانبي الطريق، ويركز جهدك على المضي قدما مهما وجدت نفسك وحيدا.
أما إبمانك بالله عز وجل وثقتك به سيدفعانك إلى اﻷمام أكثر، فإن الله عز وجل هو الوحيد الذي لن يتخلى عنك، لن يتركك وحيدا ما دمت لم تترك ذكره والتعلق به، سيكون دائما إلى جانبك في كل وقت وحين ما دمت مؤمنا به، متوكلا عليه، ما دمت تستشيره أولا، تستعين به قبل أي شيء.
نورالدين الواهج

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة