خد جزءا من عقلك خارج جسمك


يقوم عقلنا بترتيب الأمور بطريقة استطاع من خلالها أن ينفعنا على نحو جيد عبر العصور، لكن ونحن الآن في عصر البيانات الضخمة (Big Data)، والكم الهائل من المعلومات التي نواجهها يوميا، دون الحديث عن الكم الهائل من القرارات التي علينا أن نتخذها كل لحظة، نحتاج إلى وسائل خارج عقلنا لمساعدتنا. 
هذه الجرعات الزائدة من المعلومات التي نتلقاها يوميا من الإذاعة والتلفاز والجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية... كلها تشكل ضغطا على الدماغ حتى أصبح يخذلنا في تذكر ابسط الأمور. فننسى أين وضعنا مفاتيح المنزل، وننسى القيام ببعض الأمور لأننا نتذكرها في كل مرة نكون مشغولين فيها بالقيام بأمر آخر... فلو نستطيع مثلا الذهاب إلى السوق وشراء ما نحتاجه دون بذل الجهد في تذكر قائمة الحاجيات أو مكان تواجدها سيسمح لنا باستغلال ذلك الوقت أو تلك الطاقة في التفكير في أمور أخرى أكثر أهمية. 
في الحقيقة هناك أمور عديدة نستعملها كإضافات لعقلنا من أجل تخفيف الضغط عنه، لنذكر على سبيل المثال قائمة جهات الاتصال في هواتفنا النقالة، كم خففت على عقولنا من أرقام هواتف عليه أن يحفظها ويستذكرها، فقد قمنا بتفويض هذه المهمة إلى هاتفنا المحمول، وفي كل مرة نحتاج أن نتصل بشخص يكفي أن نكتب اسمه ونضغط على اتصل... 
كتابة الأمور وتسجيلها يخفف على العقل الجهد الذي يبذله في محاولة تذكرها وإبقائها في ذاكرتنا خشية نسيانها، فعدد المهام التي يجب علينا القيام بها ليس بالعدد الصغير، وإذا حاولنا أن نبقيها جميعها في ذاكرتنا قد تضيع بعضها فننساها، أو قد نخطأ في تقديم وتأخير بعضها حسب الأولوية، لأنه لا يمكن أن نستحضرها جميعا في لحظة واحدة لأخذ قرار القيام بمهمة معينة نظرا لأولويتها، بينما هناك ما هو أكثر أهمية... هذا مقارنة مع استعمال طريقة البطاقات مثلا لتسجيل مهامنا، فنستطيع بسهولة أن نرى كل ما ينتظرنا، وأن نصنفها حسب الأولية، فنضع كل البطاقات ذات الأولوية "أ" مع بعضها، وذات الأولوية "ب" لوحدها وهكذا... وكل ما تأتي مهمة جديدة نسجلها ونضعها في مكانها المناسب، أو أحيانا نقوم بمراجعتها ونعيد الترتيب، وهكذا كلما ننتهي من مهمة معينة نعود مباشرة إلى بطاقاتنا لتخبرنا بما علينا القيام به لاحقا، دون أخذ عناء التفكير حول الأمر.
 فهناك العديد من الوسائل التي من نستطيع من خلالها أن نخفف الحمل على عقولنا، ونقتصد في طاقته لاستعمالها فيما هو أكثر أهمية، فكم تستعمل من هذه الإضافات، وما هو قدر الجهد الذي يمكننها أن تخففه على عقلك؟


ترجمة مختصرة لـ: Getting Part of Your Mind Outside Your Body
من كتاب: The Organized Mind: Thinking Straight in the Age of Information Overload

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

2 تعليقات

تعليقات
14/1/18 22:05 حذف

ارى ان فعل ذلك خاطئ نوعا ما او يتخلله بعض الخطأ فهذا سيعود عقلك على ترك مهام التفكير لاداة غيره , وحين نعلم ان العقل عباره عن عضلة او مثل العضلات يبلي حسنا كلما استعملناه اكثر فتلك الطريقة التي طرحتها حتما ستؤدي الى تشنجه ..
والله اعلم
شكرا لك على الموضوع
Mohamed Hadjsmail

رد
avatar
15/1/18 21:36 حذف

أولا شكرا على الرد، وأوافقك تماما على أن العقل عضلة واستعمالها يساهم في تنشيطها وتقويتها...
لكن ليس المقصود هنا ترك عمل العقل كلية لأدوات خارجية، وإنما المقصود استعمال الوسائل للتخفيف عن العقل التفكير في الأمور التقنية البسيطة المتعلقة بحياتنا اليومية، أي التقليل من استعمال الذاكرة لتخزين معلومات مؤقتة نحتاجها فقط لفترة معينة... مثل قائمة المهام التي علينا القيام بها، فبمجرد أن نقوم بالمهمة لا نحتاج أن نستذكرها...
فتفاعل العقل يختلف بين معالجة معلومة وهي في الذاكرة ومعالجتها وهي مسجلة أو موجودة خارجها؛ ولنأخذ مثلا مهمة ترتيب الأعمال حسب الأولوية سنقوم بها أفضل لو كانت الأعمال كلها مسجلة وموضوعة أمامنا، أفضل من أن نقوم بالعمل ذهنيا... أيضا القيام بعملية حسابية معقدة مثلا فبدل أن نشغل عقلنا في تذكر الأرقام والنتائج والقيام بالعمليات الوسيطة ذهنيا، نسجلها على ورق ونقوم بالحساب، هكذا يعمل العقل تحت ضغط أقل ففي الحالة الأولى (كل شيء في الذهن) لن يقوم العقل بالعمليات بأريحية لأنه يخشى نسيان الأعداد الأولية والنتائج... وبالتالي احتمالية الخطأ تكون عالية...

رد
avatar